من أديس أبابا إلى بحر الشمال.. متعلقات المهاجرين تروي قصص الباحثين عن الأمل

من أديس أبابا إلى بحر الشمال.. متعلقات المهاجرين تروي قصص الباحثين عن الأمل
الفرنسي آرون فابريس دو كينسانغاني خلال عثوره على متعلقات المهاجرين

 

 

على رمال شاطئ غرافلين شمال فرنسا، لم يكن آرون فابريس دو كينسانغاني (27 عامًا) يتوقع أن يعثر على ورقة تحكي رحلة عمرها آلاف الكيلومترات، كانت الورقة، التي تلاعبت بها الأمواج ونهشتها القشريات، تحكي عن مسار امرأة إثيوبية تدعى "روز آي"، بدأت رحلتها من أديس أبابا، مخترقة حدودًا وصحاري ومحيطات، سعيًا للوصول إلى بريطانيا.

يقضي دو كينسانغاني وقته في تمشيط الشواطئ، بحثًا عن مقتنيات يتركها المهاجرون خلفهم قبل ركوب قوارب العبور نحو إنجلترا، ففي كل مرة يُبحر قارب محمل باللاجئين، تبقى خلفه أشياء متناثرة؛ أحذية، ملابس، وثائق، وحتى تذاكر سفر قد تكون شاهدة على آخر مراحل الرحلة وفق فرانس برس.

ويقول دو كينسانغاني: "طالما كنت أجد أشياء، لكنني لم أكن أحتفظ بها... ثم أدركت أن هذه المقتنيات قد تضيع إن لم يلتقطها أحد".

رحلة محفوفة بالأخطار

كانت الورقة التي عثر عليها دو كينسانغاني تحمل أسماء مدن وتواريخ، مرسومة بأسهم توضح طريق روز آي التي انطلقت من العاصمة الإثيوبية إلى ميتيما، على الحدود مع السودان، في رحلة برية شاقة، ومن هناك، كان عبور الصحراء الكبرى هو التحدي الأكبر، قبل الوصول إلى ليبيا، حيث ينتظرها قارب لعبور البحر المتوسط إلى إيطاليا، ثم رحلة أخرى عبر فرنسا، وصولًا إلى حلمها: "المملكة المتحدة".

لكن الورقة لم تُكمل القصة، ولم تكشف ما إذا كانت روز قد نجحت في عبور بحر المانش أم لا.

بين الوثائق والذكريات

لم تكن هذه الورقة الوحيدة التي عثر عليها دو كينسانغاني، فقد وجد أيضًا استدعاءً لمهاجر ألباني موقوف في انتظار الترحيل، إلى جانب تذاكر سفر تربط بوخارست بباريس، ثم دونكيرك، وهي المحطة الأخيرة قبل القفزة المحفوفة بالأخطار نحو بريطانيا.

شهادات صامتة

لا يزال دو كينسانغاني يبحث عن وسيلة لاستخدام هذه المقتنيات التي يصفها بأنها "شهادات صامتة" على معاناة المهاجرين، مؤكدًا رغبته في تسليط الضوء على قصصهم من زاوية مختلفة، بعيدًا عن الصور النمطية.

ويقول: "منذ أن بدأت جمع هذه الأشياء، تعلّمت الكثير عن رحلات اللاجئين، وعن الأوضاع التي دفعتهم للهرب".

في ذلك الصباح، وبينما كان يمشي على الرمال، كان 30 مهاجرًا يركضون نحو قارب بانتظارهم في المياه، حاولت الشرطة منعهم، لكنهم أعادوا المحاولة بعد دقائق، هذه المرة، صعد معظمهم على متن القارب، في حين بقي ثلاثة أفراد من عائلة واحدة على الشاطئ، يراقبون في حسرة أفراد أسرتهم يعبرون البحر وحدهم، صرخ شاب ثلاثيني متوسلًا والدته التي تمكنت من الصعود إلى القارب أن تبقى معه، لكنها لم تستطع.

لم تُترك أي وثيقة على الشاطئ تروي هذه اللحظة، لكن البحر قد يقذف يومًا ما بشيء آخر، يحمل قصة أخرى لمهاجر آخر، يسعى لحياة جديدة بين الأمواج.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية